4. ما الذي تريد قوله؟ تطوير الإطار والرسالة
طوّر إطاراً للاتصال
إطار الاتصال هو مجموعة القيم والافتراضات التي يُسلَّم بها جدلاً في عمليات الاتصال. من شأن اعتماد إطار اتصال واضح منذ البداية أن يضمن ترابطاً وانسجاماً بين جميع اتصالاتك. وليس هذا فحسب، بل سيضمن ذلك أيضاً أن يفهم جمهورك خلفيتك وما تحاوله نقله إليه.
على سبيل المثال، قد ينصّ إطارك على أنّ الديمقراطية هي أفضل أشكال الحكم. من الافتراضات المقترنة بهذا الإطار ضرورة تمكّن المواطنين من المشاركة بحرية في العملية الديمقراطية، وتفضيل الانتقال السلمي للسلطة على حكم الحزب الواحد، وضرورة أن تتمتع الانتخابات بمصداقية، وأن تحسّن الحوكمة الديمقراطية حياة الناس.
إذا كان جمهورك لا يتشارك القيم والافتراضات المقترنة بإطارك، فسيصعب عليه فهم ما تحاول نقله إليه.
للمثال أعلاه، إذا رفض جمهورك إطارك واعتقد، عوضاً عن ذلك، أنّ حكم الحزب الواحد أفضل من الديمقراطية، فلن يكون متقبلاً لأي خطاب أو رسالة ترسلها إليه حول ضرورة دعم الانتخابات التنافسية. لن يُفهم كلامك جيداً ولن يلقى آذاناً صاغية.
قد تضطر أحياناً إلى إعادة تعديل إطارك بحيث يتناسب مع جمهورك، لكي يتقبل هذا الأخير ما تحاول نقله إليه. فإذا لم يفهم المستهدف إطار الديمقراطية أو لم يبدِ ثقةً به مثلاً، قد تضطر إلى إعداد إطار اتصال يتمحور حول قيم العدل، والقوة الوطنية، والوحدة، أو أي قيمة أخرى تساعدك على التفاهم مع جمهورك.
حان دورك: طوّر إطاراً للاتصال
فكّر في قائمة من القيم والافتراضات الأساسية التي تصبّ في صلب عملك وجهودك المتعلقة بالاتصال.
نقّح الأفكار التي توصّلت إليها إلى أن يصبح لديك قائمة واضحة من الافتراضات والقيم التي ستنعكس إيجاباً على مختلف مراحل عمليات الاتصال الخاصة بك.
والآن في الجدول أدناه، عدد القيم والافتراضات الخاصة بجماهيرك المستهدفة الرئيسية لتقييم ما إذا كان هذا الإطار يتطابق فعلاً مع القيم والافتراضات لكل من جماهيرك الرئيسية.
بعد أن تقرّر إطاراً واضحاً، من الضروري أن تتأكّد من أنّ كل جهودك في مجال الاتصال تندرج ضمن هذا الإطار. أطلع عناصر فريقك، والناطقين باسم منظمتك، والقادة، وأعضاء مجلس الإدارة وغيرهم على هذا الإطار. قارن كل محاولات الاتصال الخارجية على ضوء هذا الإطار لكي تتأكّد من أنها منسجمة معه. إذا بدأت بمحاولات اتصال غير منسجمة مع إطارك، فسيُصاب جمهورك بالارتباك وتتشوش رسائلك. يجب أن يعرف الأشخاص ما هي قيمك الأساسية وما يمكن أن يتوقعوه من منظمتك.
على سبيل المثال، إذا كان إطارك ينصّ على أنّ الديمقراطية هي أفضل أشكال الحكم، وعلى ضرورة أن تكون الانتخابات تنافسية، وضرورة احترام إرادة الشعب، لكنّك أصدرت نشرةً صحفية تدعو فيها إلى سحب مرشح معيّن من السباق الانتخابي، فسيُصاب جمهورك بالارتباك، وتخسر مصداقيتك، وستكون رسائك اللاحقة غير منسجمة أو متناقضة مع ما تدعو إليه.
صغ رسالتك الأساسية
بعد أن انتهيت من تحديد إطارك، حان وقت صياغة رسالتك الأساسية. يجب أن تشكّل هذه الرسالة عصارة النقطة/النقاط الأساسية التي تريد نقلها عبر تواصلك مع الجمهور. في حين يشكل الإطار فسحةً للتفاهم المشترك بينك وبين جمهورك، تتمحور الرسالة الأساسية حول ما تريد من جمهورك معرفته وترسيخه في أذهانهم كلما سمعوها منك.
استنئنافاً لمثالنا، إذا كان هدفك هو نشر التوعية بشأن الجدولة المتوازية للأصوات، وإطارك ينصّ على أنّ الديمقراطية هي أفضل أشكال الحكم، فقد تكون رسالتك الأساسية على الشكل التالي:
الجدولة المتوازية للأصوات تتحقّق، بشكل مستقل، مما إذا كانت نتائج الانتخابات الرسمية دقيقة، لأنه يجب احتساب كل صوت وسماع كل رأي.
ما هي عناصر الرسالة الأساسية الجيدة؟
ما هي عناصر الرسالة الأساسية الجيدة؟
- قصيرة؛
- واضحة؛
- تعرّف الجمهور على أمر قد لا يعرفه؛
- تتضمّن قيماً وعاملاً عاطفياً يُقصد به بناء رابط مع الجمهور.
إذا كانت الرسالة الأساسية تقتصر على “ الجدولة المتوازية للأصوات تتحقّق، بشكل مستقل، مما إذا كانت نتائج الانتخابات الرسمية دقيقة، مما يردع التزوير”، فستعرّف الجمهور عما هي الجدولة المتوازية للأصوات، من دون أن تُدرج عاملاً عاطفياً يتفاعل معه الجمهور. أما إذا كانت الرسالة تقتصر على “يجب أن نضمن احتساب كل صوت”، فقد تخلّف وقعاً عاطفياً على الجمهور من دون أن تستوفي هدف نشر التوعية تجاه ما هي الجدولة المتوازية للأصوات أو ما تحققه.
حان دورك : صغ رسالتك
صغ رسالتك الأساسية. ابدأ باستثارة الأفكار حول كل الأمور المحتملة التي يمكن أن تقولها. لا تتردّد! بعض ما تقوله قد يكون عبارة عن جمل وبعضه الآخر مجرّد كلمات. إليك بعض الأسئلة لمساعدتك على الانطلاق:
من الأرجح أنّ أمامك الآن مجموعة مبعثرة من الكلمات. استخدم أقلاماً بألوان مختلفة، أو أعد كتابة الكلمات والجمل على أوراق مختلفة، ثم ابدأ بتصنيفها ضمن مجموعات متشابهة من حيث الموضوع أو النبرة.
استمرّ بحصر نطاق كل مجموعة وصقلها. ما هي الكلمات أو المواضيع التي لا تنفك تظهر؟ أيها الأكثر الإقناعاً؟ الأكثر إلهاماً؟ الأكثر عاطفية؟
اختر العبارات والكلمات الأكثر إقناعاً وصغها في جملة أو اثنتين. هذه هي رسالتك الأساسية.
عد إلى أهدافك وراجعها. تأكّد من أنّ هذه الرسالة تدعم أهدافك بشكل عام.
اختلاف أثر الرسائل باختلاف الجماهير
ينبغي أن تكون رسالتك الأساسية واضحة، ومختصرة، ومقنعة، وداعمة لأهدافك وإطارك. لكنّ مختلف الأشخاص قد يستجيبون بشكل مختلف لرسالتك، وقد تضطر لتعديلها تبعاً للجهة التي تتواصل معها.
يمكن أن يعني هذا الأمر تغيير النبرة أو المفردات التي تستخدمها، أو إعادة صياغة الرسالة للتشديد على القيم أو العواطف التي تهمّ جمهوراً معيّناً. لكن ينبغي ألا تتعارض الرسائل الناتجة عن ذلك مع إطارك أو رسالتك الأساسية، مع ضرورة أن تخلّف وقعاً لدى مختلف شرائح الجماهير التي حدّدتها، لكي تتمكّن من التواصل مع هذه الفئات بسهولة أكبر.
مثال:
الهدف | الرسالة الأساسية | الجماهير المستهدفة | الرسالة الهدف |
---|---|---|---|
نشر التوعية بشأن الجدولة المتوازية للأصوات، من خلال إقناع 10 آلاف شخص بزيارة موقعنا الإلكتروني وبلوغ ما معدّله 100 ألف شخص عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بنا في الأسابيع الثلاثة قبل الانتخابات. | الجدولة المتوازية للأصوات تتحقّق، بشكل مستقل، مما إذا كانت نتائج الانتخابات الرسمية دقيقة، لأنه يجب احتساب كل صوت وسماع كل رأي. | الصحافيون الذين يكتبون عن الانتخابات أعضاء الحزب الحاكم أعضاء الحزب المعارض |
الجدولة المتوازية للأصوات ممارسة ثاقبة إحصائياً ومقبولة عالمياً لتقييم دقة نتائج الانتخابات الرسمية أو تعرّضها للتزوير. تساعد نتائج الجدولة المتوازية للأصوات في نشر تفاصيل الانتخابات من خلال توفير مجموعة أخرى من البيانات، يمكن الاستناد إليها لمقارنة نتائج الانتخابات الرسمية. تتحقق الجدولة المتوازية للأصوات مما إذا كانت نتائج الانتخابات دقيقة. أفاز القادة العظماء أم خسروا، فإنهم يحترمون إرادة الشعب عندما يتمّ احتساب كل صوت وسماع كل رأي. تتحقق الجدولة المتوازية للأصوات مما إذا كانت النتائج الحقيقية معروفة، مما يضمن احتساب كافة الأصوات بدقة ومعرفة الفائز الحقيقي. |
في الأمثلة أعلاه، تمّ تعديل الرسالة الأساسية بشكل طفيف في كلّ من الرسائل الهدف لمخاطبة عواطف كل جمهور مستهدف وانفعالاته. بالنسبة إلى الصحافيين، تساعدهم الجدولة المتوازية للأصوات في إعداد تقاريرهم بطريقة أسهل وأدق. وبالنسبة إلى أعضاء الحزب الحاكم، فمن شأن احترام نتائج هذه التقنية أن يعزّز سمعتهم التاريخية كقادة عظماء يحترمون إرادة الشعب. أما بالنسبة إلى أعضاء الحزب المعارض، فستساعدهم هذه التقنية على ردع التزوير واحتمال سرقة الانتخابات منهم.
في كل حالة، تتدفق هذه الرسائل الفرعية من الإطار والرسالة الأساسية مباشرةً، وتساعد في تحقيق الأهداف العامة التي سبق وحدّدتها. فضلاً عن ذلك، لا تناقض هذه الرسائل بعضها كما لا تناقض رسالتك الأساسية، وبالتالي حتى إذا بلغت مسامع جمهور آخر، فسيبقى قادراً على فهم المعنى الذي أردت أن توصله له، ولن ينظر إليك كشخص منافق أو انتهازي يقول شيئاً لجمهور وشيئاً مختلفاً لجمهور آخر.
أنت لست بقارئ أفكار
عد إلى البحث الذي أجريته والخصائص التي اقترحتها بالنسبة إلى كلّ من جماهيرك المستهدفة. تأكّد من أنّ رسائلك الهادفة تتوافق مع ما اكتشفته عن كلّ جمهور. إذا كنت تجري بحثاً عن الجمهور وعن كيفية صياغة الرسالة في الوقت عينه، إلجأ إلى تقنية مجموعات التركيز والمقابلات مع عناصر من الجماهير الأساسية لاختبار وقع النسخ المختلفة لرسالتك عليهم وملاحظة ما ينتج عنها. وكما هي الحال بالنسبة إلى عملية إجراء الأبحاث عن الجمهور، يهدف البحث حول صياغة الرسالة إلى معرفة ما الذي يستجيب له الجمهور، وليس محاولة إقناعه بالاستجابة جيداً للرسائل التي سبق واخترتها. لذا، من الضروري المحافظة على عقلية متفتحة والإصغاء جيداً إلى كيفية تفاعلهم مع مختلف النسخ عن رسالتك. وستتفاجأ غالباً أنّ الكلمات أو المقاربات التي لم تعتقد أنها ستنجح قد تكون الأكثر فاعلية.
إذا لم تجرِ بحثك حول صياغة الرسالة مسبقاً، كل ما ستتمكن من فعله هو تكهن الرسالة التي ستلقى استحسانَ جمهور معيّن. في هذه الحالة، لا تخش الإقرار بأنّ شيئاً ما ليس على يُرام، فتعديل رسالتك على ضوء ذلك. فمجرّد التمني بأن يستجيب جمهور ما لرسالتك جيّداً لن يحثّه على فعل ذلك.
بالعودة إلى مثالنا، لعلّ الصحافيين لا يستجيبون لمصطلح “ثاقبة إحصائياً”، لكن يهتمون جداً “بالنتائج الدقيقة والموثوقة”. ولربما لا يستجيب الحزب الحاكم جيداً للمفردات القائمة على “الفوز أو الخسارة”، بل يتفاعل جداً مع الرسالة التي تفيد بأنّ الجدولة المتوازية للأصوات ستحسّن مصداقية الفوز. بعد أن تتّخذ قرارك بشأن الرسالة، قد تفضّل العودة إليها باستمرار وتنقيحها إلى أن تستوفي أهدافك، وتشكّل رابطاً عاطفياً قوياً مع الجماهير التي تستهدفها.
أهمية التمسّك بالرسالة
يحرص أفضل الخبراء المتخصصين في شؤون الاتصال على التمسّك بالرسالة. فمن خلال ذلك، تضمن عدم الإضرار بقضيتك من خلال قول شيء ما قد يناقض أهدافك، كما تستفيد من كل فرصة ممكنة لترسيخ رسالتك في أذهان الجمهور وتلقينها له. قد تشعر أنك تكرّر نفسك أكثر من اللازم، لكنها الطريقة المثلى لتمكين رسالتك من اختراق الحواجز والوصول إلى جمهورك.
حريّ بك دمج رسالتك الأساسية- أحرفياً أم بكلمات مشابهة- في كل ما يصدر عنك. وما إن تصوغ رسالتك الأساسية والعبارات المماثلة بها، درّب فريق الاتصال في منظمتك، والموظفين فيها، والناطقين باسمها، وقادتها على الرسالة، لكي يرتاحون إليها ويتعلمون كيفية دمجها في كل ما يقولونه أو يكتبونه بسلاسة وسهولة. فإذا فهم الجميع رسائلك بوضوح وتدربوا على التمسّك بها في كلّ ما يقولونه، سيكون لديك فريق من الخبراء في شؤون الاتصال الذين لا ينفكون يساهمون في ترسيخ رسائلك ويساعدونك على النهوض بأهدافك.
قوة السرد
يميل الإنسان، بطبيعته، إلى سرد القصص والتماهي معها. فالقصص توجد رابطاً عاطفياً وإحساساً بالتعاطف، وتعلق في ذاكرة الأشخاص لوقت أطول من الحقائق أو الإحصاءات. بالفعل، إنّ سرد القصص هو طريقتنا في تعليم الأشخاص، والتواصل معهم، وكسب ثقتهم وصداقتهم. من هنا، فإنّ استخدام القصص لتحقيق أهداف التواصل الخاصة بك، ونقل رسائلك، قد يكون مقاربةً قويةً وفعالة.
لكلّ قصة إطار معيّن، وشخصيات، وحبكة. فضلاً عن ذلك، تتمتع أفضل القصص بقوسٍ سردي وعبرة أخلاقية. يدلّ القوس السردي على أنّ الحبكة تتقدّم بشكل تدريجي باتجاه الذورة، عوضاً عن حدوث أمر تلو آخر من دون أي تصاعد تدريجي في الأحداث. بعد الحدث الذورة، نصل إلى القرار الذي ينبغي أن يتضمّن نوعاً من أنواع الدروس أو العِبَر الأخلاقية.
على سبيل المثال، في ما يلي قصة لها إطار وشخصية وحبكة: بالأمس، أنجزت بعض المهام في المدينة. قصدت الخياط، ثم السوبرماركت فالمكتبة. ثم توجهت إلى البيت. إطار القصة هو المدينة، الشخصية هي أنا، والحبكة هي سلسلة الأحداث. صحيح أنها عبارة عن سرد، لكنها من دون قوس سردي أو عبرة أخلاقية، وبالتالي تُعتبر مملة جداً! ومن الأجح ألا تتذكّر شيئاً عنها أو تتعلم شيئاً منها على الإطلاق.
أما القصة السردية الأكثر فعالية، فتكون على الشكل التالي: بالأمس، أنجزت بعض المهام في المدينة. قصدت الخياط، لكنه كان قد مزّق سروالي! فطالبته باسترجاع أموالي، ولكنه احتفظ بسروالي وطردني من متجره. في طريق عودتي، اشتريت ماكينة خياطة لكي أصلح سراويلي بنفسي من الآن فصاعداً. تتصاعد هذه القصة بشكل تدريجي حتى تصل إلى الذروة (طردي من المتجر)، وقد تعلّمتَ درساً مفاده أنّ إصلاح سراويلك بنفسك من الآن فصاعداً فكرة جيدة.
يتميز السرد بقوته. وتوجد القصص رابطاً شخصياً أقوى من الحقائق أو البيانات. إذا كنت قد قرأت للتوّ أنّ حوادث تمزيق السراويل من قبل الخياطين قد ازدادت بمعدّل 33% في السنتين الأخيرتين، فقد لا تغيّر سلوكك. لكن بعد سماعك القصة أعلاه، قد تفكّر مرتين قبل إعطاء سروالك لخياط، وتدرس إمكانية إصلاح سراويلك بنفسك تجنّباً لمواجهة المصير ذاته.
كيف يرتبط هذا الأمر بخطة الاتصال الخاصة بك؟
تميل مجموعات مراقبة الانتخابات إلى تمضية وقت طويل على التفكير في البيانات. وهذا أمر منطقي- لا سيما وأنّ إحدى أولويات مراقبة الانتخابات هي جمع البيانات المتعلقة بالعملية الانتخابية من المراقبين وتحليلها. يشمل هذا الأمر غالباً بيانات تقارير المراقبين حول أنشطة الحملات، وإدارة الانتخابات، والعنف المتعلق بالانتخابات، والتصويت، وفرز الأصوات، وعمليات رفع الشكاوى، وغيرها. فضلاً عن ذلك، تستخدم العديد من مجموعات المراقبة، بشكل متزايد، بيانات الانتخابات الرسمية، مثل قوائم الناخبين، وبيانات تمويل الحملات، والنتائج الرسمية، لاستكمال بيانات المراقبين الخاصة بها.
لكن عندما تركّز على البيانات، هناك دافع قوي إلى الاكتفاء بنشر تلك البيانات واستنتاجاتها. كما قد تشعر بدافع إلى نشر الكثير من الرسوم البيانية والجداول لإبراز عملك وإظهار مدى اهتمام منظمتك بالبيانات. لكن نظراً إلى الطرق التي يعتمدها البشر للتعلم والتواصل، غالباً ما يكون استخدام البيانات وحدها الطريقة الأقل فعالية لإيصال الأفكار المرجوة. لذا، عوضاً عن التخطيط لنشر البيانات والنتائج الإحصائية فقط، خصص وقتاً للتفكير في القصص التي تخبرنا إياها البيانات والطريقة الأفضل لسرد تلك القصص. اجمع التفاصيل- بما في ذلك القصص الشخصية- من الأفراد الذين يمثّلون الاتجاهات الأوضح في البيانات، لا سيما أولئك الذين يستطيع الناس التماهي معهم أو التعلم منهم بسهولة أكبر.
على سبيل المثال، قد تُظهر الجدولة المتوازية للأصوات التي قمت بها أنّ 40% من مراكز الاقتراع فتحت أبوابها بتأخير دام أكثر من ساعة. وأنت تعلم أنّ هذا الأمر قد خلّف تأثيراً كبيراً على المقترعين، لا بل من المحتمل أن يكون قد أثّر على مصداقية الانتخابات نفسها. لكن عوضاً عن الاكتفاء بنشر إحصائيات واستنتاجات، فكّر في إمكانية إبراز هذا التأثير من خلال الاستعانة بقصة شخصية أيضاً. اسرد مثلاً قصة أم عاملة لها ثلاثة أطفال، كانت تنوي الاقتراع قبل التوجه إلى العمل لأنها كانت تعلم أنّه الوقت الوحيد الذي سيتسنى فيه لزوجها رعاية الأطفال، وأنها ستكون متواجدةً في مكان عملها لبقية ساعات النهار حتى وقت إغلاق صناديق الاقتراع. لقد تركت أطفالها مع زوجها لكي يحضّر لهم طعام الفطور، لكن عندما وصلت إلى مركز الاقتراع لم يكن قد فتح أبوابه بعد. طلب منها موظف مركز الاقتراع العودة خلال ساعة، لكنها علمت أنها ستكون في العمل في ذلك الوقت، وبالتالي حُرمت من فرصة التصويت والتعبير عن صوتها في هذه الانتخابات المهمّة. وهذه الحالة ليست فردية- فقد فُتحت 40% من مراكز الاقتراع في ساعات متأخرة وبالتالي فإنّ آلاف الأشخاص لم يتمكّنوا، على غرار هذه المرأة، من الإدلاء بأصواتهم.
يمكنك صياغة قصص مشابهة تتّصل بقضايا مهمّة كان المراقبون الطويلو المدى قد حدّدوها في فترة ما قبل الانتخابات. مثلاً، إذا لاحظ 30% من المراقبين الطويلي المدى عنفياً لفظياً ضدّ المرشّحات، بإمكانك صياغة قصص عن الأثر الذي خلّفه ذلك على حملات هؤلاء النساء.
من شأن ربط الإحصاء بلمسة شخصية وتجربة إنسانية أن يضاعف من تأثيره ويحمل قوةً عاطفية أكبر، كما يساعد الجمهور على فهم المخاطر التي تترافق مع المشكلة ويمكّنهم من تذكّر المعلومات، أي أنّ الانتخابات كانت تفتقر إلى العدل والمصداقية.
فضلاً عن ذلك، لاحظ كيف أنّ قصة الأم العاملة التي لم تتمكّن من التصويت موجودة في قلب إطارنا الراسخ وتساعد في نقل رسالتنا الأساسية. لكي تخلّف قصتها تأثيراً عاطفياً، فهذا يعني أننا نفترض أنّ الديمقراطية بحالة جيدة وأنه من الضروري أن يتمتع الشعب كله بفرصة التصويت للحزب أو المرشّح الذي يختاره. تثبت هذه القصة رسالتنا الأساسية ومفادها أنّ الجدولة المتوازية للأصوات تساعد في التحقق بشكل مستقل مما إذا كانت نتائج الانتخابات الرسمية دقيقة أم لا، وتؤكّد ضرورة احتساب كل صوت. كما إنها تخلّف أصداءً عاطفية لدى الجمهور، بطريقة تشجّعه على معرفة وتذكّر رسالتنا الأساسية ونتائجنا.